عدد المساهمات : 1331 تاريخ التسجيل : 07/05/2016 العمر : 76
موضوع: هذا هو قرن الشيطان الذي يظهر من نجد !!! الخميس 27 يوليو 2017, 2:15 pm
اقتباس :
هذا هو قرن الشيطان الذي يظهر من نجد !!!
وردت أحاديث كثيرة تشير إلى ظهور قرن الشيطان من نجد وأنه كلما قطع منه قرن ظهر قرن جديد !!.
وكما هو واضح فإنه لا يمكن لقرن الشيطان أن يتجسد على الأرض وأن يظهر ويقطع ويظهر ويقطع . الأمر فيه مجاز وتشبيه .
إن الأحاديث الواردة بشأن نبوءة قرن الشيطان تتناولها من جوانب متفرقة ، ومن الصعب فهم تلك الأحاديث بتجرد وموضوعية مالم يتم جمعها إلى بعضها وتفسير الأحاديث غير الواضحة وغير المباشرة في ضوء الدلالات التي تحملها الأحاديث الواضحة والمباشرة .
بعض الأحاديث أشارت إلى ظهور قرن الشيطان ، إلا أن الرواة لم يكونوا دقيقين في تحديد الجهة التي كان يعنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أو الوجهة التي كان يشير إليها .
وفي مقابل ذلك وردت روايات كثيرة في صحيح البخاري وصحيح مسلم وسنن الترمذي ومسند أحمد وموطأ مالك تشير - نصاً أو فهماً من الرواة - إلى أن قرن الشيطان سيظهر من المشرق ، أي المنطقة الواقعة شرقي المدينة المنورة . إلا أن قلة من الرواة فهموا خطأ أن المكان المقصود هو العراق . لماذا نقول أن الرواة أخطأوا في فهم المكان المقصود ؟.
إستناداً إلى قاعـدة جمع الأحاديث وفهمها في ضوء دلالات بعضها . فقد وردت روايات في صحيح البخاري وسنن الترمذي ومسند أحمد تنص صراحة على أن قرن الشيطان سيظهر من نجد . وخلاصة تلك الأحاديث أن الرسـول صلى الله عليه وسلم دعا الله بأن يبارك الشـام واليمن ، فسئل عن نجد ، فأعاد الدعـاء بمباركة الشام واليمن ، فسئل مرة ثانية أو ثالثة عن نجد ، فقال : هنالك الزلازل والفتن ، ومنها يطلع قرن الشيطان . والزلازل هنا لا يلزم أن تكون ذات طبيعة جغرافية ، إذ قد تنصرف إلى الحروب والقلاقل والاهتزازات والاضطرابات السياسية والاجتماعية والثقافية .
البعض حاول القول بأن نجد المقصودة هنا هي العراق . والواضح أن هذا القول لا تخدمه صراحة النصوص ووضوحها . بالإضافة إلى أن أسهل وأيسر طريقة للاستدلال على المكان المقصود هي التعرف على مراد الصحابة من سؤالهم . فهل كان في سؤالهم أي إيحاء بأنهم كانوا يقصدون العراق ، أم أنهم كانوا يسألون عن نجد المعروفة لديهم مثلما كانوا يعرفون الشام واليمن اللتين دعا ذكرهما إلى طرح السؤال ثم إعادة طرحه ؟!.
الواضح أنهم كانوا يسألون عن نجد المعروفة لديهم ، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يجيبهم على السؤال الذي طرحوه وأعادوا طرحه .
الأمر لا يقف عند حدود النص الصريح على أن قرن الشيطان يظهر من نجد ، فقد وردت روايات في صحيح البخاري وصحيح مسلم ومسند أحمد تشير إلى منطقة نجد من خلال وصف أهم معالم بيئتها ونسب قبائلها . وتنص تلك الروايات على أن الرسول صلى الله عليه وسلم أشار بيده نحو اليمن وقال الإيمان هاهنا الإيمان هاهنا ، وإن القسوة وغلظ القلوب في الفدادين - المساحات المنبسطة من الأرض - عند أصول أذناب الإبل ، حيث يطلع قرنا الشيطان في ربيعة ومضر .
ومع تقديرنا وإجلالنا لتيار الإعتدال المنتسب أو المنسوب إلى مدرسة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله ، وهو التيار الأوسع والأعمق والأكثر انتشاراً وامتداداً وقبولاً ، كما أنه التيار الذي لم ننتسب لسواه ، إلا أننا نعتقد أن النبوءة تشير إلى تيار الغلو المنتسب أو المنسوب إلى تلك المدرسة ، وذلك خلال فترات نتوئه وبروزه وهيمنته واستفحاله .
وقد سبق أن طُرح هذا التأويل منذ ظهور أفكار الشيخ محمد بن عبدالوهاب ، وكان من أوائل من قالوا بذلك الشيخ سليمان بن عبدالوهاب - أخو الشيخ محمد بن عبدالوهاب - إلا أن التأويل اتخذ طابعاً تعميمياً غير منصف . وهو طابع تكرر بعد ذلك . وآخر المحاولات التي اطلعنا عليها واستفدنا منها هي محاولة الشيخ عبدالرحمن البكري التي طرحها في كتابه الذي يحمل عنوان " إبن لادن في الحديث النبوي الشريف " .
تيار الغلو المنتسب أو المنسوب إلى مدرسة الشيخ محمد بن عبدالوهاب تجاوز كل تيارات الغلو التي سبقته ، وذلك على صعيد ثلاثة أمور هي : حجم ومدى وامتداد أفكار وممارسات التكفير والتضليل والتبديع والعنف ، وتجميد الدين عبر الفهم الموسع للبدعة ، وخدمة ودعم الاستبداد .
ولنعُد إلى الأحاديث التي تصف القوم الذين يجسدون بأفعالهم ذروة الفتنة أو قرن الشيطان ويخرجون من نجد . فقد وردت أحاديث في صحيح البخاري وصحيح مسلم ومسند أحمد تشير إلى أنهم من أصحاب ذي الخويصرة التميمي الذي اعترض على قسمة الرسول صلى الله عليه وسلم تميم هي القبيلة التي ينتسب إليها الشيخ محمد بن عبدالوهاب .
أما خصالهم الإيجابية فقد ورد في صحيح البخاري وصحيح مسلم وسنن الترمذي وابن ماجه والنسائي وأبي داود ومسند أحمد أنهم قوم يظهرون في آخر الزمان وأنهم شديدو التميز في صلاتهم وفي صيامهم وفي قراءتهم للقرآن وفي استشهادهم بأقوال خير البرية استشهادهم بأقوال الصحابة والتابعين وكبار الأئمة .
وأما خصالهم السلبية فتشير ذات الأحاديث إلى أنهم أحداث الأسنان صغار السن سفهاء الأحلام غلاظ القلوب يسيئون الفعل ولا يحسنون فهم القرآن ويقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان وأنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية . وقد وجه الرسول صلى الله عليه وسلم بقتلهم وذكر أن في قتلهم أجراً . ويهمنا هنا أن نؤكد أنه ليس المقصود بمروقهم من الإسلام كفرهم ، بل سهولة وسرعة مصادمتهم لبعض أبرز سمات الدين ومقاصده .
مشاهد علو واستفحال تيار الغلو بدأت على أيدي السياسيين خـلال مراحل إقامة الدول السعودية الثلاث ، حيث كان السياسيون يدعمون ويستخدمون أفكار التكفير والتضليل والتبديع والعنف خلال فترات إنشاء تلك الدول ثم يعملون بعد ذلك على تهميش تلك الأفكار ومحاصرتها إلا في الحدود التي تخدم متطلبات الاستبداد السياسي .
ولو نظرنا إلى الحكومات العائلية التي ظهرت منذ عهد بني أمية إلى وقت سقوط الدولة العثمانية وحاولنا تلمس الفارق الجوهري بين شرعية الحكم فيها وبين شرعيته في الدول السعودية الثلاث لوجدنا أن الجميع وصلوا إلى الحكم عن طريق القوة والتغلب أو الإكراه وفرض الأمر الواقع ، إلا أن الحكومات الأولى استندت إلى مبررات دنيوية أو حجج وحيثيات دينية في مواجهة السلطات الحاكمة ، أما الثانية فقد استندت إلى حجج وحيثيات دينية في مواجهة المجتمع .
هذا الفارق الجوهري أدى إلى إكساب الصدام في الحالة الأولى طابعاً سياسياً وإلى اتجاهه نحو السلطات القائمة والمعارضين السياسيين ، أما في الحالة الثانية فقد اكتسب الصدام طابعاً شمولياً أدى إلى تجاوزه السلطات القائمة ليصل إلى المجتمع بأسره .
الأمر الأخطر أن الصدام في الحالة الأولى ظل في عمومه صداماً سياسياً ، أما في الحالة الثانية فقد تحول إلى جهاد وفتوحات وغنائم في مواجهة المسلمين بينما تم التعهد للدول الكبرى غير المسلمة بعدم المساس بالمناطق المجاورة المحتلة أو الدائرة في فلك الاحتلال وتم إبرام بعض الاتفاقيات معهم .
هذا التناقض أدى إلى الصدام بين الدولة التي كانت تريد تجنب الاصطدام بالدول الغربية الكبرى الحاضرة في المنطقة وبين " المجاهدين " الذين كانوا يصرون على مواصلـة " الجهاد " ضد أهالي المناطق المجاورة . وقد استمر الصدام بين الطرفين إلى أن تمكنت الدولة من القضاء على قادتهم في معركة " السبلة " ولجم واستبعاد توجهاتهم ، ليس لاعتقادها بعدم جواز الجهاد ضد أهالي المناطق المجاورة ، ولكن خوفاً من بعض القوى الأجنبية الكبرى !!
تيار الغلو المنتسب أو المنسوب إلى مدرسة الشيخ محمد بن عبدالوهاب عاد إلى البروز والاستفحال على أيدي بعض المجموعات التبديعية في منتصف الثمانينات الهجرية ثم على يد جهيمان وجماعته الذين تم القضاء عليهم بعد أن احتلوا الحرم ، وعلى أيدي حركات ومنظمات عديدة مثل القاعدة والجهاد وطالبان والجماعات السلفية المسلحة التي انتشرت وتكاثرت بعد أن تم إعادة إحياء وبناء وتطوير وعولمة أفكار الغلو التي أنتجتها أو أحيتها المدرسة المنتسبة أو المنسوبة إلى الشيخ محمد بن عبدالوهاب ، وذلك خلال مرحلة الجهاد المشروع ضد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان وبدعم من بعض أهل السياسة في الشرق وفي الغرب .
أما تشبيه تيار الغلو بقرن الشيطان فهو من قبيل التصوير المجازي والرمزي للجماعات التي يشيع ويستفحل لديها فكر التكفير والتضليل والتبديع والعنف في مقابل ضمور واضمحلال الأفكار والممارسات المعتدلة .
لاحقاً بمشيئة الله سنتناول بعض القضايا التفصيلية بشيء من الشرح والتحليل ،،،،،