الفرق بين النبي والرسول والأمور المشتركة بينهما
كلٌ منهما ينزل عليه الوحي بوساطة سيدنا جبريل عليه السلام، لأنه أمين وحي السماء، كما أنه عاصر الأنبياء من زمن سيدنا آدم إلى سيدنا محمد عليهم أفضل الصلاة والسلام.
ولكننا دائمًا نقرأ في الكتب أو في القرآن عن الأنبياء والرسل، دون أن نفهم الفرق بينهما، وهل هما متشابهين في كل شيء ولكن تختلف التسمية فقط، أم أن النبي هو غير الرسول!! تعالوا معنا لنعرف الفرق بين النبي والرسول، والصفات المشتركة بينهما إن وجدت، مع التعرف على الحكمة من إرسال الله للأنبياء والرسل والمعجزات التي كانت مع النبي أو الرسول.
الفرق بين النبي والرسول
من خلال التمعن في معنى كلمة نبي أو رسول، لا بد أن نجد اختلاف في بعض الأشياء وتشابه في البعض الآخر بين النبي والرسول لذلك حاولنا في هذه المقالة ايضاح الاختلاف بين النبي والرسول من خلال بعض الأمور التي أدعو الله أن تكون حقيقة لأنها مستندة على بعض الآيات التي ذُكرت في القرآن الكريم. قال الله تعالى في الآية (286) من سورة البقرة: “آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ”
يشترك كلًا من الأنبياء والرسل بالمعجزات التي أنزلت إليهم، إلا أن الاختلاف الذي جاء بينهما هو أن الرسول يُؤمر بتبليغ الرسالة وهو صاحب منهج وشريعة وكتاب وله معجزات، أما النبي في ذاته مُصلح لكنه غير مأمور بتبليغ الرسالة ولا الشريعة لكن له معجزات أيضًا.
سبب نزول المعجزات هو أن الناس لا يصدقون (الرسول أو النبي) إلا بوجود معجزة أو نزول الوحي.
ملاحظة:
نقول: إن كل رسول نبي ولكن ليس كل نبي رسول.
الجميع من أمة سيدنا محمد مؤمنة ومصدقة بأن هناك رحلة كبيرة ومقدسة وجدت على الأرض، وهذه الرحلة هي رحلة الأنبياء بدليل ما ذكره صلى الله عليه وسلم في سنن الترمذي أن هناك 124 ألف نبي ورسول أرسلوا إلى الأرض، والأهم من ذلك أن البشرية بدأت بنبي الله وهو سيدنا آدم عليه السلام وهو أول خلق الله للبشر.
ويُذكر بأن الرسل تجاوز عددهم الـ 300 رسول، إلا أن خمسة رسل فقط أنزل إليهم الكتب السماوية، دونًا عن غيرهم من الرسل.
النبي غير الرسول
النبي:
هو رجل مصطفى من قبل الله سبحانه وتعالى، وقد اختاره الله من بين البشر، نبأه بالتوحيد، وأن للكون خالق. وعلّمه التعليم الأخلاقية والروحانية لينشرها بين قومه ولكن ليس معه أي رسالة أو تشريع.
وهو مكلف بمواصلة كتاب وشريعة نبي سابق أو رسول سابق.
والنبوة هي فضلٌ وهِبةٌ من الله إلى من يشاء من عباده، لأن الله أعلم بمن يتحمل عبء النبوة ومن يستحقه ويختار من يشاء نبيًا من عباده.
كما أن الأنبياء يتبعون لنبي أو رسول كان قبلهم، كما حصل مع سيدنا سليمان عندما تابع رسالة أبيه النبي والرسول داوود عليه السلام، وهناك الكثير من الأنبياء الذين دعوا قومهم لما جاء به أنبياء ورسل من قبلهم. إضافة إلى أن عدد الأنبياء أكثر من عدد الرسل.
سيدنا يوسف وشعيب ونوح ويعقوب وإسماعيل واسحق ويونس ولوط وذو الكفل واليسع وادريس والياس وصالح ويحيى وزكريا وسليمان وهود عليهم أفضل الصلاة والسلام وغيرهم كثير. الرسول:
قال الله عز وجل في الآية (164) من سورة النساء: ﴿ وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ۚ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا ﴾. صدق الله العظيم
هو نبي نبأه الله سبحانه وتعالى ولديه رسالة فيها تشريع يتضمن كل الأوامر والنواهي من الله، ويُنبأه بأحداث كثيرة مرت على الأرض ليتعرف عليها الناس ويُخبرهم بها.
والرسول يتبعه قومه بالشريعة التي حُملّت إليه، وبالكتاب الذي أنزل عليه من وحي السماء.
ومما ذُكر في سورة النساء في الآية (164) فإن هناك عدد من الرسل لم يُذكروا في القرآن الكريم، ورُسل ذُكر اسمهم. ومن الرُسل الذين ذكرهم الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز:
الفرق بين النبي والرسول في المعنى
النبي:
كلمة مشتقة من كلمة الأنباء بمعنى الارتفاع أو الإخبار، والذي يعني الخبر الذي له فائدة عظيمة.
إضافة إلى أن كلمة نبي تعني الارتفاع بمعنى منزلة النبي الرفيعة والمنزلة العالية والرفيعة بين الناس.
الرسول:
كلمة الرسول في اللغة معناها الإرسال أو التوجيه ومفرد هذه الكلمة هي مُرسل وهو الذي يحمل الرسالة، ويُقال جاءت الإبل رُسلًا أي متتابعة وهذا فعلًا ما وجدناه في كتاب الله بأن الرسل تتابع بعضهم وراء بعض.
الحكمة من إرسال الأنبياء والرسل إلى البشر
إن إرسال الله سبحانه وتعالى للرسل والأنبياء من بين البشر وانتقائه لهم، ليكون هناك اتصال ووصل دائم بين الله سبحانه وتعالى وبين العباد، وحتى يكون لديهم معرفة بكل ما يتعلق بالله سبحانه وتعالى، فاختار الله أرقى وأجمل وأصفى القلوب من البشر وهم الأنبياء والرسل، وأرسلهم ليكونوا دليل للناس على كل ما يتعلق بالله سبحانه وتعالى.
إنما أرسل الأنبياء والرسل لحكمة حددها الله سبحانه وتعالى على لسان نبيه وذُكرت في القرآن الكريم، وهي كما يلي:
أرسل الله رسله وأنبيائه ليتعرف الناس على الله سبحانه وتعالى ويتعرفوا على تعاليمه من أوامر ونواهي، وأنه هو الله الواحد لا يوجد غيره أحد، وهو الذي يتحكم في هذا الكون.
أرسل الله الرسل والأنبياء ليدعو الناس لعبادته وعدم الكفر به أو الشرك به، والابتعاد عن عبادة ما سواه بدليل قوله تعالى في سورة النحل الآية (36): (وَلَقَد بَعَثنا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسولًا أَنِ اعبُدُوا اللَّـهَ وَاجتَنِبُوا الطّاغوتَ).
إنما الرسل والأنبياء هم رحمة للعباد كافة ليخلصهم من عذاب الآخرة، بتعريفهم بأوامر الله ونواهيه، بدليل قوله تعالى في سورة الأنبياء الآية (107): (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ).
توضيح الطريق للحق والدعوة التي أمر بها الله سبحانه وتعالى وإبعادهم عن طريق الضلال، بدليل قوله تعالى في سورة الجمعة الآية (2): (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ).
توضيح كل ما يتعلق بالموت والآخرة ويوم القيامة والعقاب مع الثواب.
أرسل الله رسله وأنبيائه ليكونوا شاهدين تطبيق العباد لأوامره ونواهيه وحجة على الناس بأنه أخبرهم بالخير والشر، بدليل قوله تعالى في سورة النساء الآية (165): (رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّـهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ).
الرسالات التي ذُكرت في القرآن الكريم
أرسل الله سبحانه وتعالى جبريل عليه السلام ليخبر الرسل برسالات الله سبحانه وتعالى للبشر، وقد ذُكرت في آيات الله في القرآن الكريم وحدثنا عنها الرسول محمد عليه الصلاة والسلام بشكل مفصل، لنكون على معرفة بهؤلاء الرسل وتلك الرسالات المقدسة التي تناقلت بين الناس حتى وصلت إلينا كاملة، ليس بعدها أي رسالة على لسان سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام،
أما الكتب السماوية الخمسة المذكورة في القرآن الكريم، هي:
صحف إبراهيم عليه السلام والزبور والتوراة والإنجيل والقرآن الكريم.
صحف إبراهيم فقد ذكرها الله سبحانه وتعالى في سورة الأعلى الآية (18 و 19) ” إِنَّ هَٰذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ ﴿۱۸﴾ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ ﴿۱۹﴾”
الانجيل والذي ذُكر في القرآن الكريم في سورة المائدة الآية (46): ” وَقَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ” (46) وهو كتاب وتعليمات الله وهو وحي السماء أرسل على لسان سيدنا عيسى عليه السلام.
التوراة الذي أنزل على سيدنا موسى، حيث فسّر العلماء كلمة التوراة على أنها الضياء الذي أنار الظلام.
أما الزبور وهو الكتاب الذي أنزل على سيدنا داوود عليه السلام، بدليل قوله تعالى في سورة الإسراء الآية (55): “وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ ۖ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا” يعني الكتاب المسطور.
والقرآن الكريم الذي أنزل على سيدنا محمد عليه السلام: هو الكتاب السماوي الجامع للخيرات الموجودة في كل الكتب السماوية، كما أن القرآن خلافًا لغيره من الكتب السماوية قد حُدد وأنزل على أنه نتاج الوحي دون أي تحريف أو تغيير، ولقد تم الحفاظ عليه لمدة 1400 عام حتى يوم الدين بإذن الله سبحانه وتعالى. وهو يحوي على الإعجاز في البلاغة بكلمات لا يمكن أن تشبه أي كلمات للبشر، وقد حفظه الله سبحانه وتعالى بدليل قوله في سورة الواقعة من الآية (77) إلى الآية (80): ” إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (80)”.
صفات الرسل والأنبياء
رغم أن هناك فرق بين النبي والرسول إلا أن الصفات التي يتصفون بها مشتركة وواحدة لأن الله اختارهم من بين صفوة البشر ليكونوا المبلغين لما يريده من عباده، ومن أبرز صفات الرسل والأنبياء:
الأنبياء والرسل هم خير البشر:
بل هم أفضل بني البشر، حيث اختارهم من الأصلاب الشريفة لآباء وأجداد كانت أخبارهم يجتمع فيها الأخلاق والصفات الحميدة، فكان الرسل والأنبياء من أكثر العباد أخلاقًا وتواضعًا وقلوبهم طاهرة وأكثر الناس عبادة لله ولا ينطق عن لسانهم إلا أفضل الكلام والعلم، وكانوا من الرحماء والصابرين وأكثر الناس تحملًا للصعاب والشدائد.
لقد وصف الله عز وجل صفات الرسول محمد عليه الصلاة والسلام بقوله في سورة القلم الآية (4): “وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)”.
الصدق:
وهذه من أهم الصفات التي اتصف بها أنبياء الله ورسله ليكونوا في كل أفعالهم وأقوالهم صادقين بكل ما يبلغونه عن الله، فليس من المنطق أن يختار الله عز وجل لرسالاته رجلًا كاذبًا وهذا ما كان يشهد به أقوامهم الذين أرسلوا إليهم.
قال سبحانه وتعالى في سورة مريم الآية (41): “وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا (41)”.
والرسول عليه الصلاة والسلام كان قومه يُلقبونه بالصادق الأمين حتى قبل أن يُبلغ برسالة ربه.
الذكاء والفطنة:
حتى يستطيع اثبات الرسالة وإزالة أي شبهة عنها من قبل الناس السيئين، وحتى يستطيع إقامة الحجة وإقناع العباد بالدعوة التي يدعوا بها.
العصمة:
الرسول والنبي معصومان من فعل المعاصي والأمور السيئة وفعل الذنوب والأخطاء، وهذه نعمة من الله إليهم، إضافة إلى أنهم من المختارين الذين لا ينسون أي شيء عن الدعوة حتى يبلغوها بحذافيرها دون أي نقص في أوامرها ونواهيها والتشريع.
الأمانة:
وهذه الصفة نجدها تلازم صفة الصدق، فلا يمكن أن يكون الرسول أو النبي خائنًا، كما أن الله عز وجل لن يختار من يأمنه على تبليغ رسالاته أو أوامره ونواهيه لرجل خائن، لذلك فالرسل والأنبياء هم رجال يحافظون على حقوق البشر ويبلغون دين الله بكل حذافيره وبأمانة حتى لا يضيع الدين والغرض من رسالة الله.
قال الله عز وجل في كتابه العزيز في سورة المائدة الآية (67): “يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)”.
أخيرًا ….
رغم أن الله سبحانه وتعالى قد اختار أنبيائه ورسله من بين أفضل البشر وأحسنهم خُلقًا وخَلقًا إلا أنهم كجميع البشر العاديين لهم نفس الصفات من طريقة الأكل والشرب واللبس، وقد تزوجوا وأنجبوا وغَضِبُوا وفرحوا ومرضوا.
لكنهم رغم ذلك ليسوا كالبشر من حيث مكانتهم عند الله تعالى، والأهم من ذلك أنهم كان يُوحى لهم.
المصدر: